فصل: (مقدمة):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنهجية في قراءة كتب العلم (نسخة منقحة)



المنهجية في قراءة الكتب وجرد المطولات
د. عبد الكريم بن عبدالله الخضير

.(مقدمة):

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإنَّ هذا الموضوع الذي اختاره الأخوة عنوانًا لهذا الدرس يحتاج إلى محاضرات، بل إلى وقت؛ لأن كل فنٍ يحتاج إلى وقت مستقل من فنون العلم، سواءً كان العلم الشرعي، أو ما يعين على فهم العلم الشرعي، لكن في هذا الدرس نُلِمُّ بأطرافه- إن شاء الله تعالى- ونذكر بإذن الله-جلَّ وعلا- ما لعله أن يفيد السامع، وإن كان قد تقدَّم لقاءات كثيرة في هذا الشأن، وسُجِّلت، والأشرطة موجودة، لكنها مُتَشعبة، تحتاج إلى أن تُلتقط من عدة لقاءات.
في هذه الساعة نبدأ بمقدمة لبداية التأليف والتصنيف:

.(بداية التأليف والتصنيف):

في عهد النبي- عليه الصلاة والسلام- لم يكن هناك كتب مصنفة، ولا مؤلفة حتى القرآن لم يكن مجموعًا في مصحف، بل كان محفوظًا في الصدور، ومكتوبًا كتابات متفرقة، والخشية مأمونة في ذلك الوقت مع وجوده عليه الصلاة والسلام في أن يختلط هذا القرآن بغيره، وفي أن يضيع منه شيء؛ لأن الله –جلَّ وعلا- تكفَّل بحفظه.
لمَّا فُتحت البلدان، ووُجدت بوادر للاختلاف على أصل الأصول وهو القرآن بادر الصحابة-رضوان الله عليهم- بجمعه، فجُمع في عهد أبي بكر جمعًا مبدئيًا، ثم جُمع الجمع النهائي في عهد عثمان رضي الله تعالى عنه، وكتب منه نسخًا- أربع أو خمس- وأرسلها إلى الأنصار، واعتمدها الناس، وما زالت بأيدي الناس إلى يومنا هذا، وهذا برهان على حفظ القرآن الذي تكفَّل الله بحفظه من الزيادة والنقصان، حتى ذكر البيهقي في (دلائل النبوة) عن يهوديٍّ دعاه القاضي يحيي بن أكثم إلى الإسلام، فلم يسلم، لم يسلم لمَّا دعاه القاضي يحيي بن أكثم.
بعد ذلك- بعد مرور سنة كاملة- جاء ليعلن إسلامه على يدي القاضي يحيي بن أكثم، فسأله عن السبب في هذا التأخر، فذكر له أنه عَمِدَ إلى التوراة، فكتب منها نسخًا حرَّف فيها، وغيَّر، وبدَّل، ثم ذهب بها إلى سوق اليهود، فتخطفوها من يده، واشتروها وقرؤوها، وعملوا بما فيها، ثم صنع مثل ذلك في الإنجيل، قدَّم وأخَّر، وزاد ونقص، وحرَّف، ثم بعد ذلك عرضه على النصارى واشتروه، واعتمدوه، ثم بعد ذلك عَمِدَ إلى القرآن الكريم، فغيَّر فيه تغييرات يسيرة جدًّا لا تكاد تُلحظ، فجاء به إلى سوق المسلمين، سوق الورَّاقين من المسلمين، فمن نَظَرَ فيه رماه في وجهه، ثم بعد ذلك أعلن إسلامه، وذكر القصة ليحيي بن أكثم، فلما حجَّ يحيي بن أكثم التقى سفيانَ بن عيينة، واجتمع به، وذكر له القصة، قال: هذه القصة شاهدها في القرآن؛ الله –جلَّ وعلا- تكفَّل بحفظه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].
لا يستطيع أحد، ولا يجرؤ أحد أن يزيد أو ينقص، وأما بالنسبة لتوراة والإنجيل فقد استُحفِظوا عليها، ووكِلَ حفظهما إليهم، فلم يحفظوا، فوقع ما وقع من التحريف، والتبديل، والزيادة والنقصان.
هذا الكتاب المحفوظ بين الدفتين هو أصل الأصول بالنسبة لهذه الأمة، وفي فلكه تدور جميع الكتب بما في ذلك السنة؛ لأنها مُفسِّرة للقرآن، ومُبيِّنة له، ومُوَضحة للقرآن نعم؛ فيها أحكام زائدة على ما جاء في القرآن، وتستقل بتشريع بعض الأحكام، وهي من الوحي كما قال جلَّ وعلا:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم3: 4].

.بالنسبة لتدوين السنة:

جاء في حديث أبي سعيد عند مسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ».
ومع ذلك كان من الصحابة من يكتب، فمنهم من حمل هذا الأمر، أو هذا النهي على الكراهة، الأمر على الكراهة؛ لأنه خلاف الأوْلَى، يعني: اعتنوا بالقرآن، ولا تخلطوا معه غيره.
ومنهم من حمل هذا النهي على ما إذا خيف اختلاط غير القرآن بالقرآن؛ بأن تكتب السنة مع القرآن في صحيفة واحدة، فيتجه النهي حينئذٍ.
ومنهم من حمله على ما إذا اعتمد الناس على الكتابة، وتركوا الحفظ، والواقع يشهد بهذا:
أَنَّ مَنْ اعتمد على ما يكتب فإنَّ الحافظة عنده تضعف إلى أن تذهب، فالذي يكتب ما يحتاج إليه يعتمد على هذا المكتوب، ثم إذا تذكر شيئًا منه لم يذكره، بينما من لم يكتب، وانتبه لما يُذكر، وما يُقال لا شك أنه يحفظه، والناس متفاوتون في الحفظ قوةًً وضعفًا.
بعد هذا أُمِنَ المحظور، فأمر عمر بن العزيز بكتابة السنة خشية أن تضيع بموت الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا هو بداية التدوين الرسمي للسنة، وأما قبل ذلك فهو تدوين شخصي، ككتابة عبد الله بن عمرو بن العاص، قوله عليه الصلاة والسلام: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ».
هذا أمر بالكتابة، لكنه نادر، ويبقى أن الضابط والكتابة للقرآن هو لم يكتب غيره خشية أن يختلط به.
وما خيف منه من الاعتماد على الكتابة، وضياع الحفظ هو الحاصل، فالناس قبل أن يكتبوا يحفظون، والتدرج الزمني الذي حصل يشهد بهذا، فكان الصحابة يحفظون السُنة، ثم بعد ذلك جاء بعدهم التابعون، والحُفَّاظ، ثم بعد ذلك بدأ التدوين، وما زال الحفظ في الأمة حتى وُجِدَ من الأئمة من يحفظ سبعمائة ألف حديث، أكثر من الحواسب، أكثر مما جُمِع في الحواسب بكثير، ثم انتشرت الكتابة، وما زال الأمر يضعف، أعني: مسألة الحفظ، حفظ الصدر، وإن كان حفظ الكتاب الذي هو عنوان وبرهان لحفظ الدين ما زال مستمرًا، ولم يفت على الأمة شيء، ولم يضع من دينها وعلمها شيء بمجموعها.
استمر الأمر على ذلك، والحافظة عند الناس تضعف اعتمادًا على هذه الكتب، ونظرًا لكثرتها، وتنوعها، وتشعبها.
في أول الأمر كُتبت السُنة، ثم كُتبت الآثار عن الصحابة والتابعين، ثم دُوِّنت أقوال الرجال، وصار لها أثر على حفظ السنة، دُوِّنت العلوم، وصُنِّفت في الكتب، فمنها الغايات، ومنها الوسائل، ومنها ما يُتوصل به إلى المطلوب، ويكون مطلوبًا لا لذاته.
ثم بعد ذلكم جاءت المطابع، فصارت الكتب متيسرةً أكثر مما كان عليه الأمر قبل؛ تيسر الحصول على الكتاب بعد المطابع، في السابق قبل وجود هذه المطابع إذا احتجت إلى كتاب إما أن تستعيره، وتحرص على قراءته، والفراغ منه، وتعيده إلى صاحبه، أو تنسخ الكتاب، وكتابة الكتاب، ونسخه أفضل من قراءته عشر مرات؛ فيستفيد الطالب بهذه الكتابة، كما أنه يستفيد إذا استعار الكتاب؛ لأن يومًا من الأيام لابد أن يُرد على صاحبه، بخلاف ما إذا اقتناه الإنسان، والاقتناء غير مُتيسِّر للسواد الأعظم من طلاب العلم، يصعب عليهم اقتناء الكتب قبل وجود هذه المطابع، فأُوجِدت هذه المطابع، وهي بقدر ما هي نعمة من نعم الله جلَّ وعلا، إلا أن لها من الأثر على الحفظ، ودراسة هذه الكتب ما يشاهده كل أحد.
في أول الأمر، في بداية الطباعة أفتى بعض شيوخ الأزهر بتحريم طباعة الكتب الشرعية، وأجازوا طباعة كتب التواريخ، والأدب، واللغة، وما أشبهها.
ولا شك أن هذه- لاسيما- في أول الأمر نظرة طبيعية؛ لأن هذه الكتب تُوجِد ريبة في قلوب العلماء؛ لأنهم يعرفون من آثارها ما يعرفون، فإذا كان الأمر قبل الكتابة الاعتماد كله على الحفظ، ثم بعد ذلك لمَّا انتشرت الكتابة صار الاعتماد على الكتابة، والكتابة تحتاج إلى معاناة، وبالمعاناة يكبُت العلم.
ثم بعد ذلك، بعد الطباعة ما الذي حصل؟

.(بعد الطباعة ما الذي حصل؟):

حصل أن طالب العلم يجمع من الكتب أضعاف ما كان عند شيوخه، ومع ذلكم لا يعرف عنها شيئًا؛ فإن طالب العلم الحريص المجتهد الذي إذا اشترى الكتاب قرأ المقدمة، وصار عنده تصور عن الكتاب، بما أن يُقرأ الكتاب من أوله إلى آخره مع كثرة المطبوعات، لا شك أن دونه خرط القتاد.
ثم استمر الأمر بعد الطباعة إلى أن ظهرت هذه الحواسب التي يسَّرت كثيرًا على المتعلمين، وبضغطة زر، في ثوانٍ تحصل على ما تريد، لكنَّ القاعدة: (أن ما أُخذ بسهولة يُفقد بسهولة).
فإن تضغط زر، وتستخرج ما تريد من النصوص، من الكتاب، من السنة، بالطرق، بالأسانيد، تستخرج ما تريد من أقوال أهل العلم بسهولة، لكن ما الذي يثبت من هذا العلم الذي يؤخذ بسهولة؟
إذا فُقِدَ الكهرباء عاد طالب العلم عاميًا، هذا هو الواقع؛ لأن العلم متين، يحتاج إلى معاناة، ويحتاج إلى حفر في القلوب، ما يحتاج أن يمر بمرور السراب، ومثلنا لذلك:
بمن يمشي على رجليه في شارع من الشوارع، وهذا الشارع فيه محلات تجارية، وينظر في هذه العناوين الموضوعة على هذه المحلات، إذا انتهى من الشارع يكون قد حفظ شيئًا كثيرًا، وعرف ما في هذا الشارع من المحلات.
لكن إذا مرَّ بهذا الشارع بسيارة هل يحفظ منها شيء، أو يعرف المحلات؟
ما يعرف شيء، فالذي يمر بسرعة لا شك أنه لا يثبت في القلب منه شيء.
وقد يقول قائل: إذا كان الأمر كذلك فهل نكتب الكتب، ولا نعتمد على الطباعة؟
نقول: لا يا أخي؛ لأن الطباعة فرضت نفسها.
وهل نترك هذه الحواسب؟
نقول: لا يا أخي.
إذًا: كيف يتفق هذا مع ما ذكرت؟
نقول: الكتب يُقتنى منها ما يُحتاج إليه؛ لأن كثرة التصانيف كما قال ابن خلدون: (مشغلة عن التحصيل).
وأما بالنسبة لهذه الحواسب فلا يُعتمد عليها، ولا يُعوَّلُ عليها في بناء طالب علم أبدًا؛ فطالب العلم لا يعتمد عليها البتة في بناءه العلمي، إنما يتعلم على الجادة، على طريقة من سبق؛ بحفظ المتون، ومجالسة الشيوخ، وملازمتهم، وبمطالعة الشروح والحواشي.
ثم بعد ذلك:
يستفيد من هذه الآلات، إذا أراد أن يُخرِّج حديث يخرجه بنفسه من الكتب، وإن استطاع أن يخدم نفسه بنفسه دون الفهارس، فهو أولى.
قد يقول قائل: إن في هذا إضاعة وقت!
نقول: نعم، فيه إضاعة وقت، لكن وقت في سبيل مَنْ؟
في سبيل التحصيل، وأنت تريد حديثًا من الأحاديث، في طريقك إلى الوقوف على هذا الحديث تمر بأحاديث كثيرة، أنت قد تكون بحاجة إليها أشد من الحديث الذي تنشده وتطلبه، إذا أردت أن تقف على مسألة من مسائل العلم، وتوصلت إليها بنفسك، ما توصلت إلا بعد أنه مررت على مسائل كثيرة.
كثير من الناس، ومن طلاب العلم-مع الأسف- يقول:
إن الناس في عصر السرعة، وتعدوا هذا الكلام، وتخطوه الآن؛ بلحظة تأخذ ما تريد.
نقول: نعم، بلحظة، لكن ما النتيجة؟
إذا أردت تخريج حديث فاتعب عليه، ما المانع من أن تتعب على الحديث؟
اتعب على جمعه، جمع طرقه، وألفاظه، وقد تقف على عشرين طريقًا بنفسك، ثم بعد ذلك لا مانع من أن ترجع إلى هذه الآلات، فتختبر العمل، لعلك أن تقف على طرق لم تقف عليها بنفسك، وحينئذٍ تثبت هذه الطرق التي أخذتها من الآلات في قلبك؛ لأنها قدر زائد على ما جمعت، فتشوَّفْ إليه.
فهذه يُستفاد منها في اختبار العمل.
يُستفاد منها أيضًا: عند ضيق الوقت، إذا ضاق الوقت، عندك خطبة جمعة، وما بقي إلا ربع ساعة، وأنت محتاج إلى حديث ما تدري ماذا قال فيه أهل العلم، لا مانع من أن تطلع على درجته من خلال هذه الآلات، ثم أن تُعوِّل عليها في مبتدئ أمرك فلا..
فلابد أن يكون طلب العلم على الجادة، وأن يُتعب في تحصيله، وأن يسلك السُبُل والطرق التي سلكها من تقدَّم؛ لنحصل على ما حصلوا عليه.
لذلكم مع هذه التيسيرات، وهذه التسهيلات كم في الأمة من الحُفَّاظ؟
أعني حفاظ السنة، وإن كانت البوادر –ولله الحمد- قد ظهرت، وتبشر بخير، وبعثت آمال، وكانت الطريقة عند أهل العلم حفظ المختصرات الصغيرة اليسيرة مثل: الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ.
ومن يتطاول على (المنتقى) فضلًا أن عن أن يحفظ في الكتب المسندة، لكن مع ذلك الآمال –ولله الحمد- وُجدت؛ ففي الشباب من يحفظ آلاف الأحاديث، وهذا يبشِّر بخير، لكن لا يكفي هذا، لا يكفي أبدًا، بل لابد من معرفة الفقه، والاستنباط من هذه الأحاديث، ومعرفة ثبوت هذه الأحاديث من عدم ثبوتها، فلابد من أن نتحقق من ثبوتها بمعرفة الأسانيد والطرق؛ لأن الإخوان يحفظون أحاديث مجردة، بدون تكرار، لكن لابد من التكرار، لابد من الأسانيد، لابد من النظر في المتون.
قد يقول قائل: أنه في هذه المرحلة، في مرحلة تخزين للمتون.
نعم، صحيح، لكن لابد أن يعود إلى هذا العلم مرة أخرى ليتفقه فيه على طريقةٍ شرحناها مرارًا، وإن كان الآن بدأنا ندخل في السنة، والأصل أن نتحدث عن القرآن.

.كيفية التفقه في السنة:

ذكرناها مرارًا، وهي سهلة ميسورة، لكنها تحتاج إلى وقت، تحتاج إلى معاناة، وتحتاج إلى تعب.
باختصار: تأتي إلى البخاري، وتجعله المحور، والأساس الذي تدور عليه.
وهذه مرحلة لاحقة بعد حفظ المتون المعتبرة عند أهل العلم في الفنون، وعلى حسب الترتيب الطبقي لمستويات الطلاب.
تأتي إلى الحديث الأول في البخاري، وتجد الإمام البخاري خرَّجه في سبعة مواضع، تنظر في هذه المواضع كلها، وتنظر بمَ ترجم البخاري على هذا الحديث في هذه المواضع، وتقارن بين الأسانيد في المواضع السبعة، هل هي متطابقة، مختلفة، هل زاد البخاري في هذا الموضع على الموضع الآخر، هل تغير بعض الرواة، هل تغيرت صيغ الأداء.
كل هذا مؤثر في فهم السنة، وفي تحصيل هذا العلم العظيم.
إذا انتهيت من المواضع تنظر في مطابقة الحديث للترجمة التي وضعها البخاري عنوانًا لهذا الحديث، وتربط هذا الحديث بترجمته، وتنظر في أقوال السلف من الصحابة والتابعين التي يذكرها المؤلف رحمه الله تعالى تحت هذه الترجمة؛ لأنها خير مُعين على فهم الحديث، وإذا نظرت في المواضع السبعة على هذه الطريقة تكشَّف لك أمور لا تتكشف لك إذا اقتصرت على موضع واحد كما هو شأن المختصرات؛ لأَنَّه أحيانًا يختصر البخاري، وأحيانًا يبسط، وأحيانًا تَجِد كلمة تفتح لَكَ أَفَاق في فَهْم هذا الحديث، وكم حصل من الخبط بالنسبة للشروح والخلط التي لا يُعنى مؤلفوها بالنظر إلى أطراف الحديث، ثم بعد ذلك إذا انتهيت من هذه المواضع تنظر إلى حديث في صحيح مسلم بِطُرُقِه وألفاظِهِ، وَبِمَا تَرجم عليه الشُّراح، لأن مسلمًا لم يترجم الكتاب؛ ثم بعد ذلك تنظر في سنن أبي داود ثم في الترمذي، والحديث مُخَرَّج عند الجماعة.
بهذه الطريقة يكون لديك التصور كامل للحديث، وبهذه الطريقة تَتَفَقه في السنة، ويكون عندك فقه الحديث على طريقة أهل الحديث.